موقع المرام الثقافي elmaram.blogspot.com

موقــــــع المرام الثقــــــــــافي elmaram.blogspot.com

الأربعاء، 12 يناير 2011

أهمية العمل التطوعي


 





الموسم الثقافي السنوي الثاني بقرية المرام

اليوم الأول : 17 - سبتمبر / أيلول 2010م
الفقرة 2 :"أهمية العمل الوحدوي أو العمل الصالح"في موريتانيا
               أو مايصطلح علي  تسميته مدنيا وعصريا بــــــــــــــ
"العمل التطوعي"

مقدمة
يعتبر العمل الاجتماعي التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في عصرنا الحالي, ويكتسب العمل الاجتماعي أهمية متزايدة يوماً بعد يوم، فهناك قاعدة مسلم بها مفادها أن الحكومات، سواء في البلدان المتقدمة أو النامية، لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها، فمع تعقد الظروف الحياتية ازدادت الاحتياجات الاجتماعية وأصبحت في تغيّر مستمر، ولذلك كان لا بد من وجود جهة أخرى موازية للجهات الحكومية تقوم بملء المجال العام وتكمّل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية في تلبية الاحتياجات الاجتماعية، ويطلق على هذه الجهة " المنظمات الأهلية ". وفي أحيان كثيرة يعتبر دور المنظمات الأهلية دوراً سباقاً في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وليس تكميلياً، وأصبح يضع خططاً وبرامج تنموية تحتذي بها الحكومات ..
قامت الخدمات التطوعية بلعب دور كبير في نهضة الكثير من الحضارات و المجتمعات عبر العصور. بصفتها عملاً خالياً من الربح و العائد كما و أنها لا تمثل مهنة. يقوم بها الأفراد لصالح الجيران و الأهل و المجتمع ككل كما تأخذ أشكالا متعددة ابتداء من الأعراف التقليدية للمساعدة الذاتية، إلى التجاوب الاجتماعي في أوقات الشدة و مجهودات الإغاثة، إلى حل النزاعات و تخفيف آثار الفقر.كما يشتمل المفهوم على المجهودات التطوعية المحلية و الوطنية.
ليس من شك في أن الأفراد داخل المجتمع هم أكثر الناس إدراكا لما يصلح لمجتمعهم وما لا يصلح، لأنهم الأعلم بحاجاته وقدراته وإمكاناته التي تمثل بالضرورة حاجاتهم وقدراتهم وإمكاناتهم، كما أنهم يمثلون طاقة وثروة بشرية هائلة لو أحسن استغلالها وتوجيهها وتوعيتها وتزويدها بالإمكانات اللازمة لانتقل المجتمع من حال إلى حال، ومن وضع إلى وضع أفضل، وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء الأفراد لهم أعمالهم المنوطة بهم داخل مجتمعاتهم بيد أنهم على الرغم من ذلك لا يزال لديهم الكثير الذي يمكنهم تقديمه لمجتمعهم من خلال العمل التطوعي، الذي بات يلعب دورا فاعلا في تقدم المجتمع وتنميته، ولا يقل أهمية عن الدور الرسمي الحكومي.

تعريف العمل التطوعي
إن تعريف العمل الطوعي يمكن أن يقوم على منهجين أحدهما طبيعة العمل الطوعي وأهدافه والآخر هو مفهوم المنظمات الطوعية في علاقتها بالكيانات المجتمعية المختلفة، وهي:
* الدولة
* القطاع الخاص
* العائلة .
العمل التطوعي:
هو عمل غير ربحي، لا يقدم نظير أجر معلوم، وهو عمل غير وظيفي/مهني، يقوم به الأفراد من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين، من جيرانهم أو المجتمعات البشرية بصفة مطلقة.وهناك الكثير من الأشكال و الممارسات التي ينضوي تحتها العمل التطوعي، من مشاركات تقليدية ، إلى مساعدة الآخرين في أوقات الشدة وعند وقوع الكوارث الطبيعية والاجتماعية دون أن يطلب ذلك وإنما يمارس كرد فعل طبيعي دون توقع نظير مادي لذلك العمل، بل النظير هو سعادة ورضي عند رفع المعاناة عن كاهل المصابين ولم شمل المنكوبين ودرء الجوع والأمراض عن الفقراء والمحتاجين.الواضح من التعريف إن التطوع عمل غير ربحي إن العمل التطوعي دائما يكون بدون مقابل، يكون تطوع من المتطوع و أحيانا يكون عمل غير وظيفي : أن المتطوع لا تكون له حقوق مثل الموظفين من راتب شهري, ومعاش ,وإجازات براتب وبدون راتب , لان عمله دائما يكون في مؤسسات أهلية غير حكومية أو خاصة.فالأهلية يكون لها تمويل خارجي أو تمويل داخلي
مصادر تمويل الجمعيات الأهلية
التمويل الداخلي : يكون التمويل الداخلي من الحكومة لكن التمويل دائما يكون من الإفراد.
التمويل الخارجي : قد يكون من جهات خارجية مثل الأمم المتحدة للتنمية UNDP,     USAوغيرها من المؤسسات الأجنبية.
يقوم به الأفراد : توجد علاقة بين الإفراد والعمل التطوعي فنجاح الإفراد وانخراطهم في العمل التطوعي يعنى نجاح للعمل التطوعي إن لم يكن هناك أشخاص لايمكن أن ينجح العمل التطوعي.
يقوم بها الأفراد أيضا: من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين، يقوم المتطوع بخدمة وتنمية مستوى معيشة الآخرين.فمشاركته في خدمه المجتمع ومساعدة الآخرين ترتفع مستوى المعيشة ويصبح في المجتمع ازدهار وتقدم نتيجة لقيام المتطوع بعمله.
الآخرين : هم أهله وجيرانه ومجتمعه وأهل دينه فديننا الإسلام غرس فينا خدمه الأهل والجيران فقال تعالى
" ومن تطوع خيراً فهو خير له"
" وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"


بيئة التطوع :
البيئة المحيطة "الداخلية" :
التطوع في خدمه وازدهار الوطن ومساعدة الجيران والأهل وفى سبيل الدين ورفع راية لا اله إلا الله وكل منا يساهم في تحريك عجلة التقدم والعمل التطوعي يساهم في تقديم هذه العجلة إلى إن تصل إلى النجاح وبر الأمان ..
البيئة الخارجية :
التطوع في سبيل الإسلام وأهله في مجال الدعوة السمحة ونشر صورة الإسلام الجميلة وتحبيب روح الوسطية والاعتدال فهناك المئات والآلاف من المتطوعين في سبيل دين الله جل جلاله وفى سبيل رفع كلمه لا اله إلا الله.
 تعار يف المتخصصون في مجال الخدمة الاجتماعية:
تعريف التطوع :علي:
أنه "المجهود القائم على مهارة أو خبرة معينة، والذي يبذل عن رغبة واختيار، بغرض أداء واجب اجتماعي ودون توقع جزاء مالي بالضرورة".
العمل التطوعي مجهود قائم على مهارة أو خبرة معينة كل منا يتطوع في مجاله فمنا الدكتور ومنا المهندس ومنا المدرس , وفى الجانب الأخر فينا المريض بحاجة إلى علاج ولا يملك مال كاف للعلاج ،هنا يأتي دور الطيب المتطوع في علاج هذا المريض بدون مقابل أو بأسعار رمزية، وفينا من يريد أن يتعلم مهارات استخدام الحاسوب ، وفينا من لا يعرف القراءة ولا الكتابة فهنا يأتي دور المهندس والخبير والمدرس حتى يساعدوا كل في مجال تخصصه فأنت وأنا كل منا في مجاله نساعد حتى بالقليل من وقتتا في خدمه مجتمعاتنا حتى تصبح أكثر تقدما.
والذي يبذل عن رغبة واختيار التطوع يكون رغبة داخلية منا ,قل لنفسك لماذا لا اخدم أهلي وأصحابي وجيراني وأهل ديني واحصل على الثواب من رب العالمين : نسمع جواب من احد أخوننا لا يوجد عندي وقت .. هناك أناس كثر الحمد لله عندي وقت كثير أريد أن أتتطوع
اسأله سؤالا هل العبادة تأخذ منك الوقت الكثير " للذي لا يوجد عنه الوقت ؟
أنا متأكد من جوابك أنك سوف تقول" لا" , حتى لو أخذت الوقت الكثير فلها الثواب العظيم من رب العرش الكريم , فأنت في خدمة ومساعدة أخيك في أعباء الحياة. أتبخل على نفسك من هذه العبادة أن تحصل على هذا الثواب العظيم , فأنت اليوم تساعد أخوك وغدا يساعدك .. يغير الله الأحوال فالدنيا يوم لك ويوم عليك فاعمل واستعد لليوم الذي عليك حتى تجد من يساعدك !!
بغرض أداء واجب اجتماعي : من حق الله علينا العبادة ومن حق الوطن علينا أن نتطوع في خدمته ومن حق أهلنا وجيراننا الوقوف معهم في الأوقات الصعبة وفى كل الأوقات.
دون توقع جزاء مالي بالضرورة : فالعمل التطوعي دائما يكون بدون مقابل يكون دائما لله تعالى ولكن في بعض الأعمال يكون هناك مقابل و لو بالشئ البسيط فتحصل على مبالغ رمزية للتشجيع والاستمرارية في التطوع ..



من هو المتطوع ؟؟
تعريف المتطوع:
"المتطوع هو الشخص الذي يتمتع بمهارة وخبرة معينة يستخدمها لأداء واجب اجتماعي طواعية واختيارا وبدون مقابل من أى نوع ".
المتطوع هو الشخص : من الضروري وجود الموارد البشرية في تغذية المؤسسات التطوعية بالخبرات والمهارات فكل منا لديه الخبرة والمهارة وعلينا استخدامها في أداء الواجب الاجتماعي ..
الواجب الاجتماعي : من حق مجتمعك عليك أن تقوم بأداء واجبك الاجتماعي ،كل منا لديه واجب حق عليه تأديته..
طواعية : أداء الواجب طواعية فالواجب دين علينا فيجب علينا سد الدين طواعية بدون مقابل
بدون مقابل من اى نوع : فالعمل التطوعي واجب علينا أداءه ، فالواجب يكون بدون مقابل
حقوق وواجبات المتطوع :
أولا / حقوق المتطوع :
من حقك كمتطوع أن :
1. تشعر أن جهودك تساهم فعليا في تحقيق أهداف غاية في الإيجابية.
2. تتلقى التوجيه والتدريب والإشراف الضروريين لانجاز مهمتك ؟
3. تتعلم كيفية تحسن مهارتك في العمل الذي تقوم به
4. تتعامل باحترام .
5. تتوقع أن لا يضيع وقت بسبب سوء التخطيط في أي مجال حياتي
6. تسأل الأسئلة وتقدم الاقتراحات بخصوص العمل الذي تقوم به .
7. تحظى بالثقة والائتمان على المعلومات الضرورية للقيام بعملك .
8. تنال التقدير على العمل الذي قمت به .
9. تعطى إثبات أو تقيم خطى لعملك الذي قمت به إذا طلب منك ذلك .

ثانيا / واجبات المتطوع :
> المشاركة في الأنشطة والفعاليات التطوعية
> العمل في فريق واحد
> احترام الآخرين
> تنفيذ أوامر المسئولين
> العمل بكل جدية ونشاط
أهمية التطوع :
تكمن الأهمية الكبرى للعمل التطوعي في أنه يعمل على مشاركة المواطنين في قضايا مجتمعهم، كما أنه يربط بين الجهود الحكومية والأهلية العاملة على تقدم المجتمع، كما أنه من خلال هذا العمل يمكن التأثير الإيجابي في الشباب، وتعليمهم طريقة للحياة قائمة على تحمل المسئولية الاجتماعية، ويؤدي العمل التطوعي على التقليل من أخطار العلل الاجتماعية والسلوك المنحرف داخل المجتمع، عن طريق انغماس الأفراد في القيام بأعمال من شأنها أن تشعرهم بأنهم مرغوب فيهم، ويضاف إلى ذلك أن هذه المشاركة التطوعية ستؤدي إلى تنمية قدرة المجتمع على مساعدة نفسه، عن طريق الجهود الذاتية التي يمارسها المتطوعون.
أهداف التطوع :
تنقسم أهداف التطوع إلى قسمين عامة وخاصة :
الأهداف العامة للتطوع :
* تقليل وتخفيف المشكلات التي تواجه المجتمع .
* التطوع يكتمل به العجز عن المهنيين .
* تنمية روح المشاركة في المجتمع ومواجهة السلبية واللامبالاة .
* الإسراع في التنمية وتعويض التخلف .
* أن انغماس مواطني المجتمع من المتطوعين في الأعمال التطوعية يقودهم إلى التفاهم، والاتفاق حول أهداف مجتمعية مرغوبة، وهذا يقلل من فرص اشتراكهم في أنشطة أخرى قد تكون مهددة لتقدم المتجمع وتماسكه.
الأهداف الخاصة للتطوع :
* إشباع المتطوع لإحساسه بالنجاح في القيام بعمل يقدره الآخرين .
* الحصول على مكانة الشرف لخدمة المجتمع .
* تكوين صداقات وعلاقات .
* الحاجة إلى الانتماء بأنه جزء من الكل يعطيه الأمان والوجدان الجماعي .
* تحقيق الذات .
* أن المتطوعين سيعوضون النقص في القوى العاملة التي تعاني منها الكثير من هذه المجتمعات.
* أنهم سيبذلون جهودًا لتعريف المجتمع المحلي بهيئاتهم التطوعية ، فيستمر تأييده لها أدبيا وماديا واجتماعيا؛ لأن هذه الهيئات لا تستطيع العيش بمعزل عن أفراد المجتمع الذي تعمل فيه.
وسائل العمل التطوعي:
من الحقائق الثابتة أن المجتمع بكل جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وقيمه الأخلاقية والروحية كل لا يتجزأ إلا في التجريد العلمي. وهذه الحقيقة تنبع وتقوم على حقيقة أساسيه هي أن الإنسان بوصفه الخلية الحية للمجتمع كل لا يتجزأ. ولذلك فان العمل الطوعي يجب أن لا ينحصر في جوانب محدودة للمجتمع والإنسان، بل يجب أن يتسع ليشمل كل المجتمع وكل الإنسان وحقوقه الأساسية في الحياة والسلام والحرية وليشمل حقوقه الاجتماعية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وصحة وتعليم وحقوق اقتصادية أهمها الحق في العمل والأجر والراحة والعطلات، وليشمل كذلك الحقوق السياسية والمدنية كافة بما فيها الحق في المساواة أمام القانون وحق التنمية.
إن العمل التطوعي بهذه الأهداف الواسعة يتعدى المفهوم التقليدي الخيري، فلا ينحصر في مساعدة ودعم المجموعات الخاصة المستضعفة مثل المعوقين والأيتام والأرامل والمشردين وفى محاربة الفقر فقط. وهو ما يجب علينا بحثه ونقاشه في مجتمعنا الموريتاني، والاستفادة في ذلك من التقنية الحديثة في مجالات الإعلام (الفضائيات) و شبكات الاتصالات وغيرها من وسائل الإعلام حتى نشكل مفهوم موحد للتطوع والعمل الصالح يعكس وجهة النظر الشنقيطية ويبرز خصوصية مجتمعاتنا وعقائدنا وعاداتنا السمحة، ويكون لنا المرجع للعمل من خلاله. عندها فقط، نستطيع أن نؤثر و نتأثر إيجابياً، بدلاً عن أن نكون في وضع المتأثر سلبياً، أو المتلقي فقط.
* يجب أن توظف وسائل العمل التطوعي الآتية بصفة متكاملة لتمكين المجموعات المستهدفة في المناشط الاقتصادية و السياسية والاجتماعية والثقافية، بل والمعنوية أيضاً.
* تمكين تقديم الخدمات لتلبية الاحتياجات الأساسية من خارج المجتمعات المحلية المعنية كما في حالة الإغاثة والنزوح مثلاً.
* تمليك وسائل الإنتاج لتدخل المجموعات المستهدفة في دورة الاقتصاد الوطني ولتتمكن من شراء الخدمات حسب آليات السوق، حتى تضمن استدامة العمل التطوعي المنظم.
* . البناء المؤسسي بجانبيه:
* بناء القدرات البشرية المهنية والفنية وفى إدارة الأعمال وإدارة العمل التطوعي والمشاركة السياسية (تكثيف التدريب).
* بناء تنظيمات المجموعات المستهدفة لتخرج من دائرة الوصاية ولتتحدث بنفسها عن واقعها واحتياجاتها ومطالبها عبر مؤسساتها المستقلة .
* توجيه البحث العلمي لخدمة أهداف العمل التطوعي والمجموعات المستهدفة بصورة علمية.
* المناصرة والتصدي للتأثير على متخذي القرار في الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لتبنى قرارات وتشريعات لتمكين المجموعات المستهدفة وللدفاع عن حقوقها السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أشكال العمل التطوعي :
1- العمل التطوعي الفردي: وهو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة ولا يبغي منه أي مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية أو دينية. في مجال محو الأمية - مثلاً - قد يقوم فرد بتعليم مجموعة من الأفراد القراءة والكتابة ممن يعرفهم، أو يتبرع بالمال لجمعية أو رابطة تعنى بتعليم الأميين.
2- العمل التطوعي المؤسسي: وهو أكثر تقدماً من العمل التطوعي الفردي وأكثر تنظيماً وأوسع تأثيراً في المجتمع، ففي موريتانيا توجد مؤسسات متعددة وجمعيات أهلية – نحن بإذن الله تعالي جزءا منها -  تساهم في أعمال تطوعية كبيرة لخدمة المجتمع.
وفي المجتمع مؤسسات كثيرة يحتل فيها العمل التطوعي أهمية كبيرة وتسهم(جمعيات ومؤسسات أهلية وحكومية) في تطوير المجتمع إذ أن العمل المؤسسي يسهم في جمع الجهود والطاقات الاجتماعية المبعثرة، فقد لا يستطيع الفرد أن يقدم عملاً محدداً في سياق عمليات محو الأمية، ولكنه بالتبرع بالمال؛ تستطيع المؤسسات الاجتماعية المختلفة أن تجعل من الجهود المبعثرة متآزرة ذات أثر كبير وفعال إذا ما اجتمعت وتم التنسيق بينها.




الروابط والجمعيات
أننا كثيرا ما ننسى أو لا يطرق باب تفكيرنا أن المتطوعين الذين ينتمون إلى مؤسساتنا يمكنهم إنجاز أنشطة كثيرة طوعاً في إطار برامج منظمة. أن فكرة أن يكون لدى مؤسساتنا أفراد ومجموعات متطوعة يعنى أننا لدينا ثروة بشرية، و يجب علينا أن نعرف أن هذه الثروة يجب أن تقدر في الموازنة بمال أي أن { الثروة البشرية للمؤسسة = قدر معين من المال }
أننا عندما نتقدم بأحد المشروعات إلى الكثير من المؤسسات المانحة يكون جزء كبير من موازنات هذه العروض لمنفذي الأنشطة بالمشروع، فلو نظرنا إلى أي موازنة مشروع سنجد البند الخاص بالعاملين هو أكثر البنود تكلفة على الممول مما يجعل الممول عند التفاوض بشأن هذا المشروع يسعى للتقليل من العاملين بالمشروع أو خفض الأجور بنسب كبير . وسوف يؤدى هذان الفعلان إلى عمل تأثير سلبي في تنفيذ المشروع ، فعملية الأجور المنخفضة أمر في غاية الصعوبة لشخص يعتمد بشكل أساسي على هذا الأجر ولا يوجد لدية مصدر دخل آخر يصعب علينا أن نطالبه بأن يبذل ساعات عمل يمكن أن تكون غير محددة في بعض الأحيان .
تسعى المؤسسات الأهلية إلى التطوير في نوعية تقديم الخدمات التي تقدمها إلى المجتمع أى كانت صورها و تود أن تكون جودة الخدمات المقدمة تختلف عن الجودة التي تقدم من خلال الحكومة في المشروعات الخدمية المختلفة. و هذا ما يصعب تحقيقه مع المرتبات المتدنية. فكيف نطالب العاملين في الجمعيات الأهلية بأن يقدموا جودة عمل تساوى جودة العمل في الشركات الخاصة على الرغم من أن هذا هو ما ينتظره المجتمع من المؤسسات الأهلية التى لا تهدف للربح .
و لعله لا يوجد طريقة أخرى لحل هذه المعادلة الصعبة إلا عن طريق استخدام المتطوعين. فإن ذلك سوف يأتى لنا بالنتاج الذي نرجوه وينتظره المجتمع. كما أن الفرد الذي يأتى للعمل من خلال الروح التطوعية عن حب و اقتناع وإيمان بأهمية الخدمة التي يقدمها للمجتمع سوف يستفيد هو أيضاً من العمل كمتطوع من نواحي متعددة. كل هذا يجعلنا ننتظر منه جودة عمل تساوى الكثير بشرط أن تتم عملية تدريبه و إدماجه في المنظمة بشكل جيد .
المجتمع
* يساهم التطوع بشكل كبير في سرعة التنمية لما له من جدوى اقتصادية واجتماعية كبيرة .
* يؤدي التطوع إلى التقارب بين كل فئات المجتمع وتماسكها وتنمية الروابط بينها .
* مساعدة غير القادرين في المجتمع .
* التعرف علي الفجوات الموجودة في المجتمع .
العمل التطوعي في الإسلام والتراث:
وحري بنا أن نشير في البداية إلى أن الإسلام ورسالته الخاتمة منذ ما يربو على أربعة عشر قرنا من الزمان أكد على أهمية العمل التطوعي، وحث على مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان، وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد هذا المعنى الراقي، يقول الله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" ويقول أيضًا في سورة الماعون: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين يراءون ويمنعون الماعون". كما دعا إلى استباق الخيرات ،يقول الله تعالى: "واستبقوا الخيرات" [سورة البقرة: 148].
وبجانب دعوة الإسلام للتعاون ومساعدة المسلم لأخيه المسلم فإنه يدعو إلى الجمع بين الجزاء الدنيوي والأخروي، يقول تعالى: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" وجاء في الأثر "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا".
وفيما يلي بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي توضح الحث على العمل التطوعي والذي هو بمثابة صدقة في الإسلام.
والإسلام بهذه الصورة يؤكد على أمرين طبيعيين تدفع إليهما طبيعة الإنسان ووجوده الخاص:
* أن يعيش في الحياة ليحفظ لنفسه البقاء .
* أن يشارك غيره في النشاطات المختلفة المحققة لصالح الجماعة والمجتمع .
وقد أكد الإسلام على ضرورة الملاءمة بينهما لصالح المجتمع وأفراده أنفسهم.
وقد ظهر جليا حرص الإسلام على تشجيع العمل التطوعي بصفة عامة في فكرة التكافل الاجتماعي الذي يقصد به أن يكون آحاد الشعب في كفالة جماعتهم، وأن تكون كل القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية في المحافظة على الآحاد ومصالحهم؛ ومن ثم تحافظ على دفع الأضرار عن المجتمع، وإقامته على أسس سليمة.
من القرآن الكريم:
* " وتعاونوا على البر والتقوى "
إن القيم الاجتماعية وخاصة الدينية المتجذرة والمتعمقة في المجتمع العربي والإسلامي ساعدت في تعميق روح العمل التطوعي فيه بالإضافة إلى التراث الشعبي المنقول من خلال الأدب القصصي و الشعر والغناء والأمثال، والذي يشيد بهذه الروح فتظل متقدة في المجتمع حتى بعد زوال الظروف المادية التي قام عليها ذلك التراث الشعبي.
* " ومن تطوع خيراً فهو خير له"
* " وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل"
* " وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"
من الأحاديث الشريفة:
· " إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة"
· "لأن تغدو مع أخيك فتقضي له حاجته خير من أن تصلي في مسجدي هذا مائة ركعة"
· " من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له"
· " خير الناس أنفعهم للناس" والحديث يشير إلى نفع الناس أجمعين وليس نفع المسلمين فقط.
· " المال مال الله والناس عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله"
· " تبسمك في وجه أخيك صدقة" وهذا يدل على أن التصدق المعنوي له مكانة كذلك في الإسلام وقد يكون البعض اشد حاجة له من التصدق المادي
· " مازال جبريل يوصني على الجار حتى ظننت انه سيورثه"
من التراث
"حمل اجماع ريش" "عظمك من شاتك فوك دبشك"
· وقد اتخذت الصدقة في الإسلام والدولة الإسلامية صورة مؤسسية في شكل الأوقاف في صورها المختلفة من خلال المساجد ، المحاظر القرآنية و الوقف الاستثماري لدعم المساجد ودور العلم، كما هو الحال في دواوين الزكاة في العديد من الدول الإسلامية.
معوقات التطوع:
تتباين المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام قيام العمل التطوعي بمهامه على ما يرام، وقد قسمت هذه المعوقات إلى فئتين تتطلب من قبل المهتمين والمختصين في العمل التطوعي العمل على القضاء عليها، أو الحد منهما..
الفئة الأولى خاصة بالمتطوعين :-
* تعارض وقت النشاط داخل المؤسسة مع وقت المتطوع .
* خوف بعض المتطوعين من الالتزام وتحمل المسئولية .
* ضعف الدخل الاقتصادي لديهم؛ الأمر الذي يجعلهم ينصرفون عن أعمال التطوع .
الفئة الثانية خاصة بالهيئات التطوعية :
* عدم التجانس بين الفريق العامل في المؤسسة وبين المتطوعين .
* أن يكون هناك عدم توضيح لدور المتطوع واختصاصاته من قبل المؤسسة التطوعية التي يعمل بها .
* إتباع المؤسسة التطوعية لنوع من الجزاءات المبالغ فيها داخل المؤسسة ضد المتطوعين من دون داع .
* قلة الجهود المبذولة لتنشيط الحركة التطوعية والدعوة إليها من جانب المؤسسات نفسها .
* غياب الهيئات اللازمة لتدريب المتطوعين، وغياب التشجيع على التطوع في المجتمع.
الخلاصة :-
إن العمل التطوعي أو ما يسمى حديثاً في أدبيات التنمية "رأس المال الاجتماعي" هو ثروة عامة وليست حكراً لأحد. هو تلك الروابط التي تقوم على القيم الاجتماعية الحميدة مثل الثقة والصدق والتعاون والتراحم والتكافل، كما أنه الروابط التي يجد المواطنون فيها أنفسهم كأفراد ومجموعات ويسعون فيها لتحقيق ذواتهم ومصالحهم المرتبطة بمصالح المجموعات التي يعيشون فيها وبها. إن التحدي يكمن في توظيف رأس المال الاجتماعي في ثورة علمية، ثورة كفاءة تقنية/سلوكية والتي بدونها لا يمكن تنفيذ السياسات التي تقوم على البحث العلمي والمشاريع التي تخدم مصالح عامة الشعب. ولعل في هذه التوصيات ما ينير الطريق إلى ذلك:
بعض المقترحات لتطوير العمل التطوعي:
1- أهمية تنشئة الأبناء تنشئة اجتماعية سليمة وذلك من خلال قيام وسائط التنشئة المختلفة كالأسرة والمدرسة والإعلام بدور منسق ومتكامل الجوانب في غرس قيم التضحية والإيثار وروح العمل الجماعي في نفوس الناشئة منذ مراحل الطفولة المبكرة.
2- أن تضم البرامج الدراسية للمؤسسات التعليمية المختلفة بعض المقررات الدراسية التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي التطوعي وأهميته ودوره التنموي ويقترن ذلك ببعض البرامج التطبيقية؛ مما يثبت هذه القيمة في نفوس الشباب مثل حملات تنظيف محيط المدرسة أو العناية بأشجار المدرسة أو خدمة البيئة.
3- دعم المؤسسات والهيئات التي تعمل في مجال العمل التطوعي مادياً ومعنوياً بما يمكنها من تأدية رسالتها وزيادة خدماتها.
4- إقامة دورات تدريبية للعاملين في هذه الهيئات والمؤسسات التطوعية مما يؤدي إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، ويساعد على زيادة كفاءتهم في هذا النوع من العمل، وكذلك الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال.
5- التركيز في الأنشطة التطوعية على البرامج والمشروعات التي ترتبط بإشباع الاحتياجات الأساسية للمواطنين؛ الأمر الذي يساهم في زيادة الإقبال على المشاركة في هذه البرامج.
6- مطالبة وسائل الإعلام المختلفة بدور أكثر تأثيراً في تعريف أفراد المجتمع بماهية العمل التطوعي ومدى حاجة المجتمع إليه وتبصيرهم بأهميته ودوره في عملية التنمية، وكذلك إبراز دور العاملين في هذا المجال بطريقة تكسبهم الاحترام الذاتي واحترام الآخرين.
7- تدعيم جهود الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث العلمية حول العمل الاجتماعي التطوعي؛ مما يسهم في تحسين واقع العمل الاجتماعي بشكل عام، والعمل التطوعي بشكل خاص.
8- استخدام العمل التطوعي في المعالجة النفسية والصحية والسلوكية لبعض المتعاطين أو العاطلين أو المنحرفين اجتماعياً.
9- استخدام التكنولوجيا الحديثة لتنسيق العمل التطوعي بين الجهات الحكومية والأهلية لتقديم الخدمات الاجتماعية وإعطاء بيانات دقيقة عن حجم واتجاهات وحاجات العمل التطوعي الأهم للمجتمع.
* إن للعمل الاجتماعي التطوعي أو العمل الوحدوي أو العمل الصالح عندنا بالتسمية الشعبية :فوائد جمة لا تعد ولا تحصي تعود على الفرد المتطوع نفسه وعلى المجتمع بأكمله، وتؤدي إلى استغلال أمثل لطاقات الأفراد وخاصة الشباب في مجالات غنية ومثمرة لمصلحة التنمية الاجتماعية.

 my.elmaram@gmail.com
 my.elmaram@gmail.com

 المرام
ب
 my.elmaram@gmail.com
تاريخ:17 – 09 – 2010م
مع أطيب التحيَّات،
من:...................elmaktba shameela................................................

العولمة والثورة التكنولوجية وأثرها في االمجتمع


                                                                     بسم الله الرحمن الرحيم
 


عنوان نا :my.elmaram@gmail.com




الموسم الثقافي السنوي الثاني بقرية المرام
أيام :17 – 18 – 19 – سبتمبر / أيلول 2010م

اليوم الثاني :18 – سبتمبر / أيلول 2010م
الفقرة 7 :"العولمة والثورة التكنولوجية ..وأثرها في المجتمع"
 أحب أن أمهد لموضوع العولمة بوضع العولمة ضمن منظومة المصطلحات التي تؤطر خطاب ما بعد الحداثة ، فالمعروف عن هذا الخطاب أنه يسعى إلى هدم كل نظام وإعادة صياغة جهاز المفاهيم بحيث يصبح التفكيك هو السمة البارزة ، تفكيك العقل لكي لا يصبح وحده المسؤول عن التفكير ، وتفكيك القيم لكي لا تكون بمثابة حاجز يعيق تحقيق المصالح الشخصية والغرائز البشرية ، وتفكيك النظام حتى يمكن تمرير الأفكار الهجينة والشاذة ، وتفكيك الأمم والمجتمعات والدول حتى تعيد تشكيلها وبناءها وصياغة قيمها من جديد . ما بعد الحداثة خطاب فقد ثقته في الحداثة بوصفها خطابا مهادنا في نظرها ، وهي تحاول التجاوز والتمرد والثورة .
فالعولمة قياسا على ما بعد الحداثة هي ما بعد الرأسمالية أو الرأسمالية القصوى ، هي ما بعد السياسة ، هي ما بعد الثقافة ، هي ما بعد الدولة والأمة ، هي ما بعد الدين واللغة والهوية ، هي إذن مشروع لإعادة صياغة العالم بعيدا عن المكونات السابقة ، هي مشروع مفتوح محفوف بالمخاطر ، هي أخيرا مغامرة .
التحولات العالمية وعنف العولمة :
لقد تغير العالم في ربع القرن الأخير تغيرا يكاد يعيد تشكيل الخريطة الجغرافية والتاريخية والثقافية والروحية ، إن لم يكن قد أعاد تشكيلها بالفعل ، وهذا ما جعلنا نحس أحيانا أننا لأول مرة في التاريخ نعيش عالما جديدا بمثل هذه الجدة التي لا تعطي الإنسان فرصة للتفكير واتخاذ الموقف الملائم ، بل يغرقه بفيض من الأفكار تدفعه مضطرا للانسياق وراء ما يحدث ، وكأنه فقد قدرته على التحكم في توازنه .
وقد عبر عن هذا التحول الكاتب البريطاني أنطوني جيدنز حين قال : " كلما تفاقمت التغيرات التي تحدثت عنها في هذا الفصل أدت إلى تشكيل مجتمع عالمي لم يكن موجودا من قبل ، ونحن أول جيل يعيش في هذا المجتمع الذي نكاد لا نرى ملامحه الآن . إنه يزعزع أنماط حياتنا أينما كنا . والآن في الأقل لا يعد هذا نظاما عالميا تمليه إرادة بشرية جماعية ، وإنما هو فوضى ناجمة عن مزيج من التأثيرات " .
وقد ساعد على هذا التحول الرهيب أمران أساسيان في اعتقادي :
هكذا يفكر القوي في عالمنا المعاصر ، لقد انتفى البعد الأخلاقي والإنساني ، ونؤكد ثانية أن ذلك لم يتم بسبب العلم بل بسبب المؤسسات الموجهة لهذا العلم .
في مثل هذا المناخ ظهرت العولمة ، ليس بوصفها مقولة علمية مجردة حيادية ، بل بوصفها مقولة إيديولوجية استغلت نتائج العلم المعاصر من أجل الهيمنة على العالم وتوحيده خارج حدود الثقافات والهويات الخاصة ، ومن أجل أن يتم ذلك كان لا بد أن تتبنى إيديولوجية .
لم تكشف عنها بشكل مباشر ولكن يمكن تبين معالمها من خلال الواقع .
إن العولمة تسير ضد منطق التاريخ ، إذ ليس من المعقول أن يتم تهميش الهويات أو إلغاؤها وقد تشكلت عبر عشرا ت الآلاف من السنين وتحولت إلى مكون للأمم ، ليس مجرد مكون ثقافي أو ديني أو أخلاقي ، بل يمكن على سبيل الاستعارة أن نقول : إنها مكون بيولوجي مثل الكروموزوم المسؤول عن نوع الجنس البشري ، فالبشر مختلفون ومتفقون ، متميزون ويمكنهم العيش بهذا التمايز والإسهام في سعادة الإنسان ، أما تحويل البشرية إلى هوية ثقافية واحدة فأمر مناقض للتاريخ ، ف " ليست هناك ثقافة عالمية واحدة ، وليس من المحتمل أن توجد في يوم من الأيام ، وإنما وجدت ، وتوجد وستوجد ثقافات متعددة متنوعة تعمل كل منها بصورة تلقائية ، أو بتدخل إرادي من أهلها ، على الحفاظ على كيانها ومقوماتها الخاصة . من هذه الثقافات ما يميل إلى الانغلاق والانكماش ، ومنها ما يسعى إلى الانتشار والتوسع " .
وهي ضد منطق التاريخ أيضا ، لأنها ليست تطورا طبيعيا في الحركة الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية ، كما قد يتوهم بعضهم ، وإن كانت تطورا لشيء فإنما هي تطور للفكر الاستعماري الأوروبي ، ومن هذا المنطلق يمكن عد العولمة هي المرحلة الاستعمارية الثالثة بعد الاستعمار العسكري والاستعمار الاقتصادي ، وها هي ذي تمثل الاستعمار الشامل . وعلى الرغم من التداول الشاسع لهذا المفهوم فإنه غامض في نواح عدة ، وكأن هذا الغموض متعمد حتى لا ينكشف السر ، ويحل اللغز .
هوية العولمة
حين يسعى الباحث إلى تقديم تعريف علمي للعولمة سوف لن يعثر على تعريف يطمئن إليه ، ويتخذه مبدأ بحثه ، على الرغم من الاستعمال الواسع لهذا المصطلح إلى درجة أصبح فيها مهيمنا على الكتابات السياسية والاقتصادية والإعلامية ، فقد أصبح المصطلح نفسه مهيمنا ، كما تسعى العولمة إلى الهيمنة ، فالمؤسسات الغربية لم تستقر على تعريف موحد ، أو أنها لا تريد ذلك ، مع أنها تقدم تحديدات لأهداف النظام العالم الجديد الذي تعد العولمة وسيلة تطبيقه ، وقد أحس بهذا الغموض والتضليل بعض الكتاب الغربيين ، فقد كتب جيدنز : "نظرا لشعبية مصطلح العولمة ، يجب ألا يفاجئنا عدم وضوحه في جميع الأحوال أو ما هو رد الفعل الذي تشكل ضده " . وما يقدم تعريفا للعولمة إنما هو تجميع لأفكار متناثرة من هنا وهناك ، ترد أحيانا على ألسنة الرؤساء وأصحاب النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم ، ذلك أن العولمة أيضا هي مشروع لم يتم تشكيله بعد ، فهو في طور التشكل المتواصل وقد يخضع للتغير في أية لحظة حسب التغيرات التاريخية ، وحسب ردود أفعال المجتمعات الأخرى ، ولكن هذا لا يعني أن الفكرة الجوهرية للعولمة غير معروفة . إنها معروفة ، ولكن أصحابها يرفضون البوح بها ، حتى تظل عيوبها وأهدافها البعيدة مجهولة . ويعود أمر غياب التعريف المحدد للعولمة في اعتقادي إلى كونها مقولة يود أصحابها إبقاءها بعيدا عن الفهم الكامل والصحيح وتقديمها في بعض مظاهرها الاقتصادية والإعلامية الإيجابية ، حتى تظل سرا من جهة ، ومن جهة ثانية حتى يتركوا فرصة للمجتمعات الأخرى لتعطيها المفهوم الذي تتصوره لتظهر وكأنها انبثقت من داخل هذه المجتمعات ولم ترد إليها من خارجها ، وهذا أسوأ أشكال الاستعمار الفكري كما يشرحه مالك بن نبي في كتابه الصراع الفكري . فتصبح العولمة في هذه الحالة عولمة ذاتية وهذه أخطر أنواع العولمة . لأن المجتمعات تتصور أنها تطور طبيعي في حركتها بينما هي قد سيقت مجبرة إليها .
وقد حاول بعض المعرفين اختصار هوية العولمة فحددها في كونها تقوم في أساسها على : " على تصيير المحلي عالميا ، فهي وصف لعمل مستمر تدل عليه كلمة Globalisation ، لكنها في الوقت نفسه وصف لبعض نتائج هذا التعولم . النتيجة النهائية للعولمة أن تكون للعالم كله لغة أو لغات مشتركة وأن تكون التجارة فيه مفتوحة ومتيسرة بين كل بلدان العالم ، وأن يسود فيه نظام اقتصادي واحد ونظام سياسي واحد وأن تسود فيه عقيدة واحدة ، وأن تكون للناس فيه قيم مشتركة في مسائل كحقوق الإنسان والعلاقة بين الجنسين ، وأن يكون هناك أدب عالمي يتذوقه الناس كلهم ، وأن يسود فيه تبعا لذلك نظام تعليمي واحد ، وأن تكون كل هذه الأمور التي تعولمت مناسبة للناس من حيث كونهم بشرا ، ومساعدة لهم على تحقيق طموحاتهم المادية . هذا هو الهدف النهائي المثالي . لكن العولمة قد تكون ناقصة ، وقد تكون تامة من غير أن تكون مناسبة للبشر بل مفروضة عليهم لظروف طارئة " .
ولو كانت مثل هذه الأفكار والطموحات والأحلام من تأملات الفلاسفة والمفكرين والعلماء مطروحة بوصفها علم الإنسانية التي تسعى إلى الرقي بنفسها إلى مستوى آخر أفضل من الوجود والعيش والحضارة ، من غير أن تكون ملزمة لأحد بل متروكة للمجتمعات تسعى إلى تحقيقها كلما كانت الحالة الحضارية مناسبة من غير إكراه أو عنف ولا تضحيات بالثقافة واللغة والدين والتاريخ ، لكان الأمر مقبولا كما قبلت من قبل مشروعات المدن الفاضلة . أما أن يتحول المشروع إلى نظام يفرض بكل أشكال العنف والإرهاب فلن يزرع إلا فوضى عارمة في العالم ، والحروب قمة أشكال هذه الفوضى .
وقد دخل المصطلح إلى مجال المعجمات ، فأصبح يعني :" مذهب القائلين بأن الرأسمالية هي ديانة الإنسانية ، وأن النسبية الفكرية ستكون لها الغلبة على المطلقات الإيديولوجية ، وأن النسبية الثقافية هو المعول عليه ، وليس مبدأ مركزية الثقافات ، وأن العالم ينتقل حاليا ونهائيا وشموليا والتسلط إلى الديموقراطية والتعددية وتشمله ثورة معلوماتية تنتشر في كل مكان من شأنها إلغاء الحدود بين الدول بحيث يصبح من السهل انتقال الناس والمعلومات على نطاق العالم كله ، ويتم ذلك من خلال المنافسة والحوار والمحاكاة . . . . وفي العولمة تحويل العالم إلى الرأسمالية ، وتتم السيطرة عليه في هيمنة دول المركز وسيادة النظام العالمي الواحد ، وبذلك تتهافت الدولة القومية وتضعف فكرة السيادة الوطنية . ويؤول الأمر مع الثقافة إلى صياغة ثقافة عالمية واحدة تضمحل إلى جوارها الخصوصيات الثقافية " .
ومع ذلك فثمة مفهومان للعولمة ، مفهوم نظري لعولمة لم تتشكل بعد على أرض الواقع وهو ما ورد في التعريف المعجمي السابق ، ومفهوم عملي وهو يتعلق بالجانب الذي تم تحققه من العولمة بالفعل ويتمثل في المكاسب التي حققها النظام العالمي الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية . وهذا المفهوم الثاني هو مرحلة أولى من مراحل العولمة التي تتطور بسرعة لا يستطيع المتابع أن يضبط حركتها .
وقد ذهب بعضهم إلى أن العولمة ظاهرة تاريخية ، عرفتها البشرية في تطورها الحضاري ، ففي كل مرحلة كانت حضارة ما تهيمن على بقية الحضارات ، وفي زمن ما كانت الحضارة الإسلامية حضارة عالمية . هذا الطرح من الناحية الوصفية صحيح لكنه من حيث الأهداف الكبرى أمر متحفظ عليه ، فثمة فرق كبير بين عالمية الحضارة الإسلامية والعولمة المعاصرة .
إيديولوجيا العولمة :
تعتمد العولمة على نوع من الوثنية المعاصرة ، فهي تدعو إلى نوع من التعامل على أساس المصلحة ( الاقتصادية والسياسية والعلمية ) ، وعدم إيلاء القيم الخلقية والدينية أي اهتمام ، لأن هذه القيم في اعتقادها تعيق التواصل الكوني كما تراه ، كما تعيق تسويق مشروعها " الحضاري " ذلك أنها تسعى إلى هيمنة حضارية ، أو إلى بناء حضارة واحدة يتبعها الجميع ، وقد استقام لها ذلك عقب سقوط القطب الآخر الذي كان بمثابة الكابح لهذا الحمق . لذا فهي تعتمد إستراتيجية الإقصاء والإلغاء والتهميش ، تلك الإستراتيجية التي انتقلت إليها من المركزية الغربية التي تنهج سياسة المركز في مواجهة الأطراف ، والأغرب (ولعله لا غرابة في الأمر ) . أن يصرح الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون قائلا :" إن أمريكا تؤمن بأن قيمها صالحة لكل الجنس البشري ، وإننا نستشعر أن علينا التزاما مقدسا لتحويل العالم إلى صورتنا " .  ولعل أهم سلاح تستعمله للتغلب على قيم الأطراف هو إستراتيجية الاتهام بالإرهاب أولا ، والمروق الدولي ثانيا ، فكل منظومة سياسية أو ثقافية أو دينية تعد في مشروع العولمة إرهابا إلا إذا تمت إزالتها والتخلي عنها في المؤسسات السياسية والتعليمية بل والدينية أيضا ، لأنها تريد دينا بلا دين ، وتستعمل من أجل إنجاح هذه الإستراتيجية كل الوسائل الضاغطة من البيانات السياسية المتهمة إلى الحصار الاقتصادي إلى الصواريخ العابرة للقارات ، ولسنا ببعيدين عما حدث في عالمنا العربي والإسلامي .
وأكثر من هذا فإن ثقافة العولمة تسعى إلى تهميش المؤسسات الدولية أو تحويلها إلى مؤسسات تابعة تخدم مشروعها ، وليست مؤسسات لكل الدول ومن أجل مصالح الدول كلها ، لقد تحول الكل الآن وأصبح الجزء هو الكل وأصبحت الدولة الواحدة هي كل العالم ، وما العالم إلا محافظات خاضعة لها ، وهكذا تم التضييق على منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها وخصوصا مجلس الأمن الذي حولته أو على الأقل تسعى إلى تحويله إلى مؤسسة تابعة لها . في منطق العولمة والأجهزة التي تسيرها ينبغي أن يكون الكل تابعا ، ولن يسمح بالخروج على الصف وإلا كان ذلك مروقا أو إرهابا أو نحو ذلك . " ليست العولمة مجرد آلية من آليات التطور الرأسمالي بل هي أيضا - وبالدرجة الأولى - إيديولوجيا تعكس إرادة الهيمنة على العالم" من خلال ترسانة من الوسائل المختلفة . 
وسائل تمرير العولمة
أشرنا إلى أن العولمة تسعى إلى فرض مشروعها باستعمال كل الوسائل دون استثناء أو تحفظ ، من الإغراء والاستمالة إلى التهديد والضغط السياسي إلى الحصار الاقتصادي إلى شن الحروب المدمرة التي تورط فيها العالم كله . يتحدث بعض الباحثين الغربيين عن العولمة الإعلامية وكيف تقوم المؤسسات الإعلامية بتسويقها إلى البلدان النامية ، فيقول : " ينطلق فيض ثقافي من بلدان المركز ليجتاح الكرة الأرضية ، يتدفق على شكل صورة . . . كلمات . . . قيم أخلاقية ، قواعد قانونية . . . مصطلحات سياسية . . معايير . . كفاءة . . ينطلق كل هذا ليجتاح بلدان العالم الثالث من خلال الإعلام المتمثل في إذاعات وتليفزيونات وأفلام وكتب وأسطوانات فيديو وأطباق استقبال فضائية ينطلق عبر سوق المعلومات التي تحتكرها الوكالات العالمية الأربع : أسوشيتد بريس ويونايتد بريس ( الولايات المتحدة ) ورويتر (بريطانيا) وفرانس بريس ( فرنسا) ، وتسيطر الولايات المتحدة على 65 في المائة من تدفق هذه المعلومات . هذا الفيض من المعلومات يشكل رغبات وحاجات المستهلكين ، او بتعبير آخر الأسرى السلبيين ، يشكل أنواع سلوكهم ، عقلياتهم ، مناهج تعليمهم ، أنماط حياتهم ، وبذلك تذوب الهويات الذاتية في هذا الخضم من الغزو ، لأن مواد الغزو تصنع في معامل الغرب وفق معاييره ومواصفاته " .
هذا النوع من العولمة ، وهذا النمط من أنماط إستراتيجيتها نسميها المرحلة التمهيدية للغزو ، القائمة على سياسة الاختراق التي تمررها وسائل الإعلام التي لم يعد أحد في مقدرته الوقوف في وجهها .
وثمة قناة أخرى لتمرير مشروعات العولمة هي المؤتمرات العالمية ففي سبتمبر 1994م عقد في القاهرة المؤتمر العالمي للسكان والتنمية ، وفي سبتمبر 1995م عقد في بكين مؤتمر المرأة ، وفي يونيو 1996م عقد في إستانبول مؤتمر الإيواء البشري ، وهذه المؤتمرات كانت تعقد في الظاهر تحت إشراف الأمم المتحدة ، ولكنها في الجوهر تحت إشراف المؤسسات التابعة للعولمة ، ولنا أن نقول : إن الأمم المتحدة قد صارت إحدى هذه المؤسسات . لقد عملت هذه المؤتمرات إلى إعادة تشكيل الخارطة الفكرية والثقافية للعالم حتى تتواءم مع متطلبات العولمة وثقافتها الجديدة .
هذا وللعولمة أشكال وطرق وأوجه وأقنعة متعددة تظهر في كل مرة بقناع مستفيدة من ثقافة التبشير النصراني والإستراتيجية الاستعمارية معا ، أي من الخطاب المسالم والخطاب العنيف معا . وقد تلقت الثقافة العربية خطاب العولمة ، كما تلقاه الآخرون ، وانتشر في سنوات قليلة كما لم ينتشر أي مصطلح آخر قبله ، وكانت ردود الفعل في الخطاب العربي متفاوتة ، وإن كانت في أغلبها تجمع على عدم براءتها .
العولمة في الخطاب العربي :
يكاد يجمع المفكرون العرب المعاصرون المتزنون بمذاهبهم المختلفة وتياراتهم المتعددة على صياغة خطاب سلبي ضد العولمة ، حتى ولو ذهب بعضهم إلى ضرورة التفاعل معها تفاعلا إيجابيا ، بمعنى الاستفادة من منجزاتها العلمية الهائلة ، غير أن خطابهم يتضمن تحديد العولمة على أنها نوع من الاستعمار الجديد الذي يسعى إلى الهيمنة الشاملة على العالم كله وإخضاع البشرية كلها لنظام واحد في الفكر والسياسة والاقتصاد والفن وغيرها ، يقول حسن حنفي : " العولمة هي أحد الأشكال المعروفة للهيمنة الغربية ، ليس عن طريق الجيش والعسكر وليس فقط عن طريق الاقتصاد بل عن طريق السوق " . ويضيف : فالعولمة ليست فقط تغريب العالم ، بمعنى أن ينتشر الغرب من المركز إلى المحيط إلى الأطراف ، وليست فقط أمركة ، لأن أمريكا هي التي تتصدر العالم الآن لكونها القطب الوحيد الموجود ، ولكنها أخطر من ذلك فهي سيطرة اتجاه واحد ، رأي واحد ، فكر واحد ، وكل دولة تتجرأ على أن تخرج من بيت الطاعة . . . . سيكون العدوان العسكري لها بالمرصاد " .
ويقول هشام غصيب من وجهة نظر يسارية : " لكل عصر وثنه ، ووثن عصرنا هو العولمة ، والوثن ليس واقعا بقدر ما هو وهم إيديولوجي ، وقفص فكري للجم الفعل والممارسة وتقييدهما .
ومن وجهة نظر علمانية يقول نصر حامد أبو زيد : لقد كشفت حرب الخليج الثانية أن القوتين السياسية والعسكرية هما الوسيلة التي ستحقق من خلالها هيمنة الحياة الأمريكية على العالم ، إنها ليست قوة الحضارة باتصالها الحر المنظم مع الحضارات الأخرى وإنما هي القوة السياسية والعسكرية التي تفرض نوعا بعينه من أسلوب المعيشة والقيم الحضارية على الآخرين ، ولا حاجة لتوضيح أن القوة السياسية والعسكرية قائمة على القوة الاقتصادية المتزايدة في إطار عملية العولمة " .
ومن منظور إسلامي يقول محمد محفوظ : إن مشروع العولمة لا يمكن فصله بأي شكل من الأشكال عن المشروع الثقافي الغربي ، إذ هو إحدى إستراتيجياته . . . . إن القيم التي تبثها وسائل ومؤسسات العولمة ، والسلوكيات التي تعطى لها الأولوية ، هي قيم وسلوكيات لا تنسجم والمعايير والقيم العليا التي تنادي بها الثقافة العربية والإسلامية " .
ولعل أبرز المتحمسين للعولمة الكاتب اللبناني على حرب الذي يعد العولمة فتحا حضاريا ، وينتقد بكثير من الحدة المتحفظين على خطابها .
وسيكون من الصعب أن نستعرض بالتفصيل نصوصا لمفكرين آخرين ، يكفي أن نقول : إن الخطاب العربي المعاصر الإسلامي والقومي واليساري ، باستثناء بعض المفكرين العلمانيين ، يقف ضد مشروع العولمة ويقدمها بوصفها مشروعا استعماريا هداما ينبغي الوعي بأهدافه في الهيمنة وإلغاء الهويات والخصوصيات الذاتية .
هذا الموقف العربي يؤكد أن العولمة تمارس عنفا واضحا ضد الثقافات ، عنفا لا يدخل في الحوار الحضاري الذي كان شعار الخطاب العربي المعاصر ، وما يزال خطابه .
تأثيرات العولمة في المنطقة العربية :
ومن المؤسف أن تكون مجتمعاتنا العربية من أوائل المجتمعات التي تنعكس عليها آثار العولمة ، بحكم العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية بينها وبين أوروبا والولايات المتحدة ، وبحكم القرب الجغرافي ، وربما العلاقات التاريخية أيضا ، لقد بدأت ضغوط العولمة تؤثر في اقتصاديات المنطقة وثقافتها وسياستها ، وأصبحت ملفات المشكلات المحلية والإقليمية في يد الولايات المتحدة ، وأصبحت الحلول تصنع في مؤسسات العولمة عن طريق أجهزتها النافذة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية: (الجات) وغيرها . وأصبحت المبادرات الأمريكية لإيجاد حلول لمشكلاتنا القومية أو الوطنية تتداول في الصحافة العربية أكثر مما تتداول الحلول المحلية .
لكن أبرز الأخطار التي تواجهنا بها ثقافة العولمة هي ما يأتي : إن العولمة تنطلق من وضع الهويات بين قوسين ، أو بعبارة أخرى وضع الهويات جانبا والدخول في حركية العالم بهوية دون هوية ، أي إلغاء المرجعية الدينية والأخلاقية والقومية أو ما إلى ذلك ، وباستدعاء كلمة الرئيس الأمريكي السابقة ، سوف يكون البديل الفكري هو "القيم الأمريكية الصالحة لكل الشعوب" ، إن العولمة تريد تجميع العالم على شيء واحد ولن يتم ذلك إلا بالبدء بإلغاء الهويات المحلية لأنها العائق أمام تحقق المشروع العولمي ، ونحن لا نستطيع أن نكون نحن ، عربا مسلمين إلا بهويتنا ، ولن يكون الأمر سهلا أن نحافظ على هويتنا ونحن لا نملك وسائل الدفاع أو المحافظة عليها ، الوسائل العلمية والسياسية والاقتصادية وغيرها .



وقد تناول الجابري مسألة العلاقة بين الهوية الثقافية والعولمة حين كتب :
"لا تكتمل الهوية الثقافية ، ولا تبرز خصوصيتها الحضارية ، ولا تغدو هوية ممتلئة قادرة على نشدان العالمية ، على الأخذ والعطاء ، إلا إذا تجسدت مرجعيتها في كيان مشخص تتطابق فيه ثلاثة عناصر: الوطن والأمة والدولة .
الوطن: بوصفه "الأرض والأموات" ، أو الجغرافية والتاريخ وقد أصبحا كيانا روحيا واحدا ، يعمر قلب كل مواطن . الجغرافيا وقد أصبحت معطى تاريخيا . والتاريخ وقد صار موقعا جغرافيا .
الأمة: بوصفها النسب الروحي الذي تنسجه الثقافة المشتركة: وقوامها ذاكرة تاريخية وطموحات تعبر عنها الإرادة الجماعية التي يصنعها حب الوطن ، أعني الوفاء ل "الأرض والأموات" ، للتاريخ الذي ينجب ، والأرض التي تستقبل وتحتضن .
الدولة: بوصفها التجسيد القانوني لوحدة الوطن والأمة ، والجهاز الساهر على سلامتهما ووحدتهما وحماية مصالحهما ، وتمثيلهما إزاء الدول الأخرى ، في زمن السلم كما في زمن الحرب . ولا بد من التمييز هنا بين "الدولة" التي هي كيان مشخص ومجرد في الوقت نفسه ، كيان يجسد وحدة الوطن والأمة ، من جهة ، وبين الحكومة أو النظام السياسي الذي يمارس السلطة ويتحدث باسمها من جهة أخرى . وواضح أننا نقصد هنا المعنى الأول .
وإذن ، فكل مس بالوطن أو بالأمة أو بالدولة هو مس بالهوية الثقافية, والعكس صحيح أيضا: كل مس بالهوية الثقافية هو في الوقت نفسه مس بالوطن والأمة وتجسيدهما التاريخي: الدولة .
والعولمة تقوم أساسا على ضرب هذه العناصر الثلاثة ، فليس في فلسفة العولمة مكان لمثل هذه المصطلحات في الفكر ولا في الواقع ، فالعولمة تروج مقولة " أن الدولة القومية فقدت التأييد الرأسمالي لوجودها . . . وأصبحت عبئا على الاقتصاد الرأسمالي تسعى الرأسمالية إلى تفكيكه وإزالته " وهذا ما قاله الكاتب الياباني كينيشي أوهماي : إن مرحلة الدولة قد انتهت ، فالدول اليوم أصبحت مجرد نسج من الخيال " .
وهذا هو الواقع اليوم ، لقد فقدت أنظمة العالم الثالث جزءا من سيادتها على دولها ، بحكم التدخل السافر لمؤسسات النظام العالمي الجديد ، وأصبح التعريف القانوني للدولة يفتقر إلى عنصر السيادة على كل الكيان المسمى دولة . فكيف يمكن التعامل مع هذه العولمة وما أفضل الطرق لمقاومة ليست معرضة للانكسار؟
كيف نواجه العولمة
أولا : ومن الناحية النظرية ، ينبغي عدم جعل العولمة قدرا محتوما ينبغي الاستسلام له ، بل التعامل معها على أنها مرحلة من مراحل المواجهة الحضارية التي واجهت الأمة العربية وما تزال تواجهها ، وأن نقوي في ذواتنا القدرة على المواجهة وأن نثبت إيماننا بهويتنا ، بمعنى أنه لا ينبغي أن نواجه العولمة من منطلق الضعيف المهزوم بل من منطلق القوي بفكره ودينه وثقافته . هذا الإطار النظري هو الذي سيمكن الجانب العملي من الصمود والمواجهة والتحدي .
أما على المستوى العملي فإن الأمر يتطلب:
- ضرورة التحديث في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية ، لأن هذا التحديث سيقلل من ضغوط المشروع العولمي علينا من جهة ، ويجنبنا العودة إلى الغرب في كل مطالبنا واحتياجاتنا ، ويجنب أفراد مجتمعاتنا من تأثيرات العولمة السلبية ، ثم إن هذا التحديث ضرورة حضارية لا نستطيع البقاء على الهامش في عالم جامح لا يعترف إلا بالقوي علميا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا .
- ضرورة فهم ما يجري من تغيرات عالمية في المجالات المختلفة ، وكيف يجري وما الغاية منه . بعضنا يتحدث عن الغرب كأنه مشهد بسيط ، والغرب ليس كذلك ، إنه كيان معقد ليس من السهل التعرف على ما يجري في مؤسساته ، وليس من السهل التعرف على أهدافه وغاياته ، وليس من السهل معرفة منهجياته وأسراره ، إن محاولة التعرف على العالم من خارجه ، أي من داخل ثقافتنا لم يعد بالأمر الممكن ، لذا وجب التعرف إليه من داخله ، وهذا ما فعله الغرب نفسه بالنسبة للآخر فقد اتصل به وتفاعل معه من داخله . الغرب يعرفنا الآن بشكل جيد ، ومع ذلك فما يزال يتابع المتغيرات التي تحدث من خلال غرف عمليات يتابع من خلالها أي حركة ، يرصدنا من الأرض ومن السماء ، ومن كل جانب . فمن أجل الدفاع عن أنفسنا ينبغي التعرف أولا عما يحيطنا .
- ضرورة التفاعل الحضاري مع المتغيرات الدولية من منظور حوار الحضارات ، وليس من منظور التبعية الساذجة . إن التخندق وراء حدودنا الجغرافية والثقافية لن يكون أبدا حصنا لنا ضد التأثيرات التي تهجم علينا من خارج حدودنا . وعليه فالتفاعل الموجه والمبرمج هو سبيلنا ، حتى ولو كنا في منأى عن تحديات العولمة . وهذا هو منهج الحضارة الإسلامية ، أيام كانت في عز ازدهارها ، في التفاعل الحضاري . إن هذا التفاعل الحضاري هو ما يضمن لثقافتنا بعض الحياة والحيوية ويجعلها قادرة على إنتاج الأفكار والمشروعات الحضارية .
- ضرورة الحفاظ على هويتنا والدفاع عنها وهو المسعى الأصلي الذي نهدف إليه ، والحفاظ يتم من خلال وسائل عديدة ، إما بتطوير وسائل التعليم ومناهجه ، قبل أن يفرض علينا التطوير من الخارج ، وقد بدأ بالفعل يحدث ذلك . ينبغي ألا تكون الحداثة التي نسعى إليها على حساب أصالتنا ، فالحداثة لا تتنافى مطلقا مع أي مكون من مكونات هويتنا . بل إن العمل على إيجاد السبل العلمية الكفيلة بالحفاظ على أصالتنا هو في ذاته مظهر من مظاهر الحداثة ، فلتكن الحداثة هي وعينا بذاتنا وبالآخر معا ، وليكن الحافز المحرك لنا هو المستقبل .
هذا لا يعني أن الأمر بسيط وسنصل إلى النتيجة بسهولة أو أن ندفع الضرر بسهولة أيضا ، ذلك أننا فعلا في مأزق ، وأن هويتنا في مأزق ، لقد تحدث بعض أنصار العولمة عندنا عن مأزق الهوية في ظل العولمة ، ونحن نتفق معه ، لأنه من الصعب الخروج من المواجهة دون خسائر أبدا . فهويتنا لا تملك وسائل الحفاظ على ذاتها ، فكيف بالموجهة ؟



المرام
بتاريخ :18 –سبتمبر /2010م
my.elmaram@gmail.com



خارطة طريق تطوير القرية
"قرية المرام"


تكتسي هذه العملية أو خطة عمل الحالية أهمية بالغة في إحداث التطوير والرقي المطلوب لدي الشباب لهذه القرية. حيث أن توفر الإرادات الفاعلة للكل سيكون حتما مصدرا ورافدا من الروافد الأساسية لبلوغ جميع الأهداف المرسومة علي هذه الخارطة. ولكسب هذا الرهان استدعت الرابطة كل أعضائها ومنتسبيها لمناقشة هذه القضايا والمسائل الملحة الضرورية التالية ،وستساهم الرابطة في تحقيقها علي مستوي المدى المتوسط والمدى البعيد ، كما أنها ستطالب الشخصيات الكريمة والفاعلة بالمشاركة البناءة في تنفيذ هذه الخطة الطموحة والإستراتيجية العامة آخذة بكل الأفكار والمقترحات.
ففي المدى القريب :
ارتأت الرابطة وبجهود أعضائها الخاصة أن تنظم موسما ثقافيا هو الأول من نوعه في المنطقة سنة 2009م وعلي الرغم من ارتجاليته آنذاك كان له الأثر الايجابي وكان التجاوب معه من طرف الأهالي مريحا وهي الآن في طور إعداد الموسم الثقافي السنوي الثاني وهو كذالك يحمل عدة رسائل ومعاني.
وعلي المستوي المعنوي والنفسي : ركزت الرابطة علي أهمية التواصل بين الأشقاء وضرورة التآخي والتعاضد وإصلاح ذات البين والتصالح مع الذات ومع النفس ومع كل أفراد المجموعة لجعل الكل يشعر بنفس الشعور ويحس نفس الإحساس إشاعة للإيثار والقيم النبيلة. وذالك لتجاوز العقبات والصعاب حيث عملت الرابطة علي التحسيس والاتصال ولملمة الشتات وتكللت كل الجهود المبذولة لله الحمد بالنجاح، وحيث أيضا تمكنت الرابطة من بلوغ المرام في بعض الأهداف وهي أن تتحصل المجموعة علي مقاعد سياسية تمكنها من لعب دور ريادي وأساسي لتفعيل واثبات المكانة اللائقة بالمجموعة حيث استجابت الرابطة للنداء وتمت تلبية النداء علي أحسن ما يرام.
أما علي مستوي الشراكة : في العمل الوحدوي الجماعي استطاعت الرابطة كذالك أن تكون سباقة في البذل والندي. ففي الأعمال والنشاطات الماضية أثبتت الرابطة وبشكل واضح لا لبس فيه أن بالإمكان الاعتماد علي النفس. وبالثقة بالله وبالنفس يستطيع أن يكون المرء واثقا بأن اليد التي تمتد منه وإليه يد الجماعة وبأياد بيضاء لا تمل العطاء وتلك خصال الآباء والأجداد ،وبهذه الخطوات الواثقة أصبح من الضروري بمكان التركيز علي أهمية الصندوق "صندوق التضامن والخدمات" للرفع من أداء الفعل الجماعي والفعل الاجتماعي البناء.


وفي المدى المتوسط والمدى البعيد :
علي الصعيد المادي  المحسوس فالرابطة : ستضع نصب أعينها أهم القضايا والإستراتيجيات  العامة لتطوير القرية "قرية المرام" وفي الأولويات :
التخطيط والتقطيع الأرضي: إن التطوير يحتاج لوسائل وأدوات من أهمها الماء والاستعداد العام من الأفراد ،والفكرة والتخطيط في الأمور أساسي ،ففي المنظور القريب سيرفع هذا الشعار وبأسلوب لا هوادة فيه .فالتقطيع والتخطيط سيخدم السكان وخاصة القرية في أن تلبس ثوبا حضاريا عصريا جديدا لاغناء عنه، ومن مرتكزا ته:
     -   تخطيط القرية :وفق نظام عمراني عصري جذاب.
-         صيانة المعالم التاريخية :"الركنة" ، "النخلة" ، "أسدر أحسي لحشيش"
-         خطة التشجير العامة :جلب الأشجار والنباتات النادرة واقتنائها وإعداد المناطق الخضراء.
-         العمران :ضرورة إعمار القرية باقتناء قطعة أرضية والتسييج وبناء أعرشه أو بيوت...إلخ.
-         رسم الحدود :وذالك بوضع بوابات للقرية مكتوب عليها "مرحبا بكم في المرام" ،
                                                                 "Welcome To EL Maram".
وفي المجال الزراعي والرعوي:ستعمل الرابطة علي تنمية القدرات في استغلال الموارد المائية للاستفادة مما توفره خصوبة الأرض والثروة الحيوانية لخلق إنتاجية واكتفاء ذاتي محلي وربما إمكانية تصدير أو تسويق منتجات(الخضروات...).   
وفي المجال التجاري :ستقوم الرابطة بتحريك ملف التعاونية النسوية التجارية وستشخص مكمن العطب فيها وستساعد في تطويرها وجعلها مركزا تجاريا يدر بالأرباح الجيدة للأخوات الفاضلات وسيتم النظر في توسيع الأسهم في تلك التعاونية وإيجاد وتصور الحلول لمجمل المعوقات أمام تطور العمل النسوي التجاري.
وفي المجال الثقافي والعلمي :تري الرابطة أهمية قصوى في:
- تطوير أداء المحظرة وإحيائها وهي لسان حال المجموعة وقلبها النابض وهي المحرك     الأول والأخير في صنع المكانة المرموقة والمعروفة عن المجموعة.
- تعزيز المحظرة بمكتبة فاخرة ستضم في رفوفها كل المخطوطات الموروثة عن آبائنا وأمهاتنا الكرام.
- اقتناء كل الكتب الشرعية التي تعبر عن موروثنا الحضاري والتاريخي والاجتماعي.
- إضافة بعض الكتب العصرية والمعبرة عن صلتنا بالحاضر والمستقبل.
وعلي الصعيد الروحي :قررت الرابطة  تخصيص ليلة من ليالي المولد النبوي الشريف ، ستنعشها بالمدائح والأذكار والابتهالات والأدعية ومحاضرات في السيرة ، والفقه ، والقرآن حتى طلوع الشمس. تعظيما للرسول الأعظم (صلي الله عليه وسلم )وإحياءا لقرية المرام ب"ليلة في المولد" تزكية للنفوس ، وتعرضا للنفحات الربانية .هذه الليلة تدعي "ليلة في المولد"مساء اليوم الثالث من ربيع الأول الساعة العاشرة مساءا حتى الثامنة صباحا ،وستتقاطر من كل حدب وصوب -   بإذن الله تعالي سنويا – نحوها كل النفوس الخيرة التواقة لفعل الخير والعمل به.
     واليوم نحن علي أبواب مرحلة جدية وجديدة من العمل والنشاط الأهلي الحضاري ، لذا فإننا نتطلع إلي مزيد من المشاركة الفعلية في تحمل المسؤولية وتقديم الدعم المادي والمعنوي سعيا نحو تحقيق الأهداف السامية التي تتبناها رابطتكم "رابطة الوحدة للثقافة والتنمية".my.elmaram@gmail.com
my.elmaram@gmail.com
        مع أطيب التحيات
من لجنة الصياغة في أمانة العلاقات العامة والإدارة والإعلام