موقع المرام الثقافي elmaram.blogspot.com

موقــــــع المرام الثقــــــــــافي elmaram.blogspot.com

الخميس، 4 أغسطس 2011

للمواطنة الصالحة شُعَبٌ كشُعَب الإيمان بقلم: محمد فال ولد عبد اللطيف

منتدى الشعب
للمواطنة الصالحة شُعَبٌ كشُعَب الإيمان
نواكشوط ،  18/07/2011  -  بقلم: محمد فال ولد عبد اللطيف
من لي بالمواطن الصالح الذي إذا زيد في علمه زيد في عمله وإذا زيد في عمله زيد في تواضعه ورحمته للخلق، وكلما زيد في ماله زيد في سخائه، وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم؟
ذلك هو المواطن المؤثر في محيطه، القائم بحقوق نفسه ومجتمعه ووطنه وأمته.
أما المواطن الذي كلما زيد في علمه زيد في كبره وتيهه، وكلما زيد في عمله زيد في فخره واحتقاره للناس وحسن ظنه بنفسه، وكلما زيد في ماله زيد في حرصه وبخله وإمساكه، وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في كبره وتيهه، فذلك هو المواطن الفاسد المفسد الذي تنتشر عدواه في محيطه انتشار عدوى الجرب، وكل بناء له فيه ضلع فهو إلى عطب.
المواطن الصالح خلص من أربع: من الكبر والحسد والغضب والحرص وتلك هي أقفال القلوب، وهي التي اتصف بها المواطن الفاسد فمنعه الكبر من الانقياد إلى الحق والطريق المستقيم ومنعه الحسد من قبول النصيحة وبذلها، ومنعه الغضب من العدل وتوخي الصدق في القول والعمل، ومنعه الحرص من بذل المعروف والمشاركة في الأعباء العامة.
المواطن الصالح تخلص من تلك العيوب فانفتحت له أبواب الخير والعمل الصالح النافع له ولأمته فتركزت فيه صفات الإخلاص وقبول الحق والوفاء بالعهد ونصيحة المسلمين والتواضع لله ولخلقه، وأوتي فرقانا يفصل به بين الحق والباطل والضار والناس.
والمواطن الفاسد ترسخت فيه تلك العيوب فصارت ملكات ثابتة، لا يستقيم له معها عمل البتة، وكلما اجتهد في عمل أفسدته عليه لأنها استحكمت في قلبه فأرته الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل والمعروف في صورة المنكر والمنكر في صورة المعروف.
وإذا تمهد لديك هذا وعرفت الفرق بين كلا الفريقين وعلامات كل واحد فاعلم أن اتصاف المواطن بأحد المواصفات المذكورة ليس أمرا لازبا لا شيئا موروثا لا حيلة فيه وإنما هو نتيجة التربية والتدرب، فعلى المجتمع الصالح أن يتعاطى أسباب تكوين المواطن الصالح ولا تحيل إلى القضاء والقدر.
من هنا تبدو خطورة وظيفة التربية نارا على علم، ويتجلى البعد الاستراتيجي للتعليم، لا أقول تعليم المهارات والتخصصات الفنية والعلمية الضرورية لتقدم البلاد، ولكن أعني تنشئة الأجيال على قيم المواطنة الصالحة التي بها قوام وجود البلاد.
وهذه المهمة- وإن كان على قطاع التعليم منها العبء الأكبر- فإنها مسؤولية هيئات المجتمع ودوائر الدولة بأكملها، فبناء المواطنة الصالحة متعدد الشعب، كشعب الإيمان له أعلى وأدنى وما بين ذلك.
فهو يبدأ باحترام المرور في الجزع الأخير من الليل حيث لا شرطي ولا دركي، وبإطفاء المصباح الكهربائي الذي لا فائدة له، واحترام العلم الوطني وحفظ النشيد الوطني ومساندة المنتخب الوطني واستهلاك المنتوج الوطني، والغيرة على الموروث الوطني، واحترام المال العمومي والاستماتة تحت الراية الوطنية إذا اقتضى الدفاع عن الوطن ذلك.
فكل من اتصف بصفة من هذه الصفات فقد اتصف بشعبة من شعب المواطنة..
وغني عن القول إنه ما من مواطن إلا ويدعي لنفسه الصلاح وإن كان أفسد الفاسدين، والعبرة في ذلك بما يصدقه العمل الملموس فإن المواطنة الحسنة ليست بالدعاوي ولا بشيء يتفكه به، بل لابد من التحقق بها قولا وعملا ذوقا وسلوكا.
وهنالك أوضاع استثنائية وتجارب قد تضع المواطنين على محك التجربة فيظهر الخالص من البهرج ويمحص الصحيح من المغشوش.
ومن هذه الأوضاع حالة الأزمات الخانقة سواء كانت سياسية أو اقتصادية، ففي مثل تلك الأوضاع لا ينفع الوطن والبلاد إلا المواطن الصالح أما المواطن الطالح فلا يعول عليه لأنه كلما رد إلى الفتنة أركس فيها، وإذا وجد وليجة أو مدخلا ولى إليه وهو يجمح.
والظن قوي أننا- نحن الموريتانيين- وإن كنا بشرا عرضة للضعف البشري بخير فإن لنا أرضية صالحة من التاريخ والجغرافيا تجعلنا سريعي الارعواء إلى الحق وإلى الاتصاف بصفات المواطنين الصالحين ولو أن النفس والشيطان قد استقويانا إلى حين. وفي ذلك بشرى لنا وللوطن العزيز بصلاح الذرية وكفاية هم الدارين والله الموفق لا ربَّ سواه وهو أحسن الخالقين.


تاريخ الإضافة: 18/07/2011 10:56:10

الحضور المعرفي لدلالات النهضـــة… بقلم: د. مـحمـد يـحي ولد باباه

منتدى الشعب
الحضور المعرفي لدلالات النهضـــة…
نواكشوط ،  03/07/2011  -  بقلم: د. مـحمـد يـحي ولد باباه
y.babah@yahoo.frE-mail:
لعل ما سيفاجئ القارئ لهذه السطور القليلة حول المدلول الشمولي للنهضة، إعراضنا في البداية عن الغوص عبر حفريات تجريدية في الفضاء النظري المركب لما يحيل إليه مفهوم النهضة من مشتقات معرفية وانتروبولوجية عامة، فما يهمنا بالأساس هو إبراز تجليات المعنى الشامل للنهضة، باعتبارها كما كبيرا من المظاهر الايجابية المتعددة في الطبيعة ومجال التحقق، أنتجها حراك معرفي ومجتمعي عام يسعى إلى بعث لقدرات الذات وتعميق الإحساس بالهوية والمقومات الحضارية، وتجسيد الآثار المعرفية لذلك الحراك داخل مختلف أوجه الحياة.
ولما كان الفعل النهضوي بمعناه الكلي متعلقا بالفعل المعرفي، فمن الأهمية بمكان، أن نشير هنا إلى أن أبرز أدوات النهضة الشاملة يتمثل في المعرفة، فلا نهضة للكائن الإنساني، فردا كان أو جماعة، بدون المعرفة، إذ هي محدد من محددات الإنسانية، وكلما انخفضت المعرفة انخفضت درجة سير الكائن البشري إلى الارتقاء إلى قمم التقدم.
وإذا كانت النهضة أو الاستنارة الواعية، هي حصولنا على القدرة الضرورية للخروج من حالة القصور إلى حالة الوعي بالذات والانطلاق في ترتيب آليات البناء بمعناه الشامل، فإننا مدعوين أكثر من أي وقت مضى إلى إدراك واستيعاب ما ترسمه ريشة المشهد الموريتاني اليوم داخل مختلف الميادين من إجراءات تهيئ لصناعة الشروط العامة للنهضة الشاملة، لكن علينا أن نطرح بعض الأسئلة المشروعة حول هذه الإجراءات وواقع حراكها الشامل، فهل نحن فعلا أمام حضور معرفي واعد ينبئ بملامح بارزة لنهضة شاملة؟ وهل لحراكنا الثقافي والتنموي عموما من انعكاس مباشر على آليات وعينا؟ أم أننا مجزئين بين من يمارس فعل النهضة الواعية بكل الشروط الوطنية المطلوبة، ومن يتفرج منتظرا ما تدره عليه تلك الجهود دون المساهمة المطلوبة في هذا الاتجاه؟
مما لا شك فيه أنه من قراءة سريعة لبعض آثار الحراك التنموي العام، تتأكد بوادر نهضة شاملة في واقع حياتنا الوطنية، وذلك ما يؤسس بطبيعة الحال الثقة والأمل في الحاضر والمستقبل، إلا أن نتائج الفعل النهضوي الماثل، سيبقى مشروطا لا محالة بأمور كثيرة من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
ـ تفعيل الإدراك الموضوعي الإيجابي الدائم لدينا، لمظاهر النهضة الشاملة في واقعنا الوطني بأبعاده المختلفة، بعيدا عن الخلفيات المثقلة بسلبيات ماضينا القريب، وبعيدا كذلك عن هيمنة قوالب وممارسات النقد من أجل النقد المبنية على خلفيات مضللة.
ـ المساهمة في الفعل النهضوي بالآليات الصحيحة النابعة من قيم المواطنة السليمة، وذلك بالنسبة لقادة الرأي والنخبة وباقي مكونات ساحة الفاعلين الوطنيين.
ـ تعميق الوعي بضرورة امتلاك نظام تربوي قادر على صناعة جيل واع يتمتع بالآليات الضرورية لتجسيد مضامين التنمية على كافة الأصعدة، وهو الأمر الذي فتح رعاة شأننا العام الباب على مصراعية للدخول في تأمل شامل حول أفضل السبل لترجمته على أرض الواقع، حيث أصبحنا نعيش بالفعل حضورا جليا لتقاسيمه المنعشة للذات والوجدان انطلاقا من مواصلة تحرير الكلمة من أسرها وتجسيد قيم ثقافة الحوار ومواصلة الجهود الحثيثة إلى الرفع من أبعاد واقعنا بشكل شمولي.
تلك ثلاثة نماذج تعكس لا محالة أبرز معالم الحراك النهضوي الضروري العام لمسيرتنا التنموية، وهي صور تعزز الثقة والأمل في المسار المستقبلي، إذا ما وضعت في أعلى السلم الدرجي للأولويات، وهي بحق ما ينبغي أن نسعى إلى تضافر جهود كافة الفاعلين لتحصيل أكبر مساحة ممكنة لتقاطع الذوات حولها.
ذلك ما يتقدم كحضور معرفي لمدلول النهضة لكن على مستويين، أولهما ما يدرك ماثلا في الواقع اليوم من حراك في هذا الاتجاه، وثانيهما، ما أشرنا إليه من محتوى معرفي عام يستدعي تحريك الفعل التنموي إليه والانطلاق منه كثوابت لا يمكن تجاوزها.


تاريخ الإضافة: 03/07/2011 09:19:50