الأربعاء، 3 أغسطس 2011
الوسطية وثقافة الحوار
منتدى الشعب الوسطية وثقافة الحوار |
نواكشوط ، 02/08/2011 - يقول الإمام الشافعي رحمه الله: (قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب، فالحق ضالة المؤمن أنى وجده فهو أحق به، وضالة كل عاقل هو الحق). يطالعنا الوجه الحضاري لأمتنا بمساحة شاسعة من التراكمات المتأصلة عبر الأجيال، نكاد لا نتأمل فيها برهة دون أن تتقاطر على ذهننا إشارات وإشارات، منبِئَة تارة، ومُذكِّرة تارة أخرى بما يكتنزه هذا الوجه من قيم الوسطية والاعتدال وقيم ثقافة الحوار المفتوحة على الآخر، بالمفهوم العام للغيْرِيَّة كما يحددها وجه أمتنا الحضاري العام. وذلك بدون شك، ما يوقظ لدينا إعداد العدة لتفعيل الاستعدادات اللازمة للتحرك على الخطوط المختلفة لإعمال أدوات التقدم والرقي طبقا للزخم الكبير الذي تعج به ساحة هذه التراكمات من القيم الحضارية السامية كالتسامح والوسطية والانفتاح الحصيف على الغير. إن ترسيخ أساليب ثقافة الحوار التي تحترم وجهة نظر الآخر ما بقيت ملتزمة باحترام الثوابت، تعد بدون شك من السبل المؤدية إلى رقي الوعي والدفع بمسيرة التقدم إلى أعلى الدرجات، وما بقيت أيضا ملتزمة بالوسطية والاعتدال الذي يدعونا إليه منطق الشرع والواقع. ومن الإشارات اللافتة في هذا الاتجاه ما يتضمنه ديننا الحنيف من حث دائم على التحلي بقيم الوسطية والاعتدال قصد تأسيس ثقافة التسامح والانفتاح لدى المسلم، وتجذير هذه الثقافة في كافة أنماط سلوكه الفردي والجماعي. كما أننا نرى، في مستوى آخر، أن قيم ثقافة الحوار هي التي تجذر إنسانية الإنسان كإنسان، طبقا لما كرمه الله به، وهي كذلك أداة للتفاعل الموضوعي باعتبارها خلقا راقيا يذلل أعظم العقبات، ويؤدي في الوقت ذاته إلى الاهتداء إلى طريق السعادة والثراء بأبعادهما المختلفة. ولما كان مجتمعنا حيويا بتنوعه الثقافي، طبقا لما تمليه موازين واقعه الخاص، فإن ما ينعم به من فضاءات حرة، ومقدرات ذاتية تعددية محكومة بنظم قانونية سلسة، فإنه مُطالب أكثر من أي وقت مضى بصهر جميع الجهود في تنمية ثقافة التسامح والوسطية وثقافة الحوار من أجل الارتقاء بالوعي إلى درجات عليا من التقدم والنماء بعيدا عن كل أشكال الغلو والتطرف والتعصب الهدامة. فبواسطة التواصل المبني على قيم ثقافة الحوار التي تحترم القانون، نستطيع أن ننتج تعاونا مثاليا يؤمن البهجة والثراء والاستقرار الذي هو في الواقع جذر التنمية وركيزتها النموذجية، وبالتسامح والاعتدال أيضا نستجيب للدعوة السامية لديننا الحنيف. إن مسئولية مكونات فعالياتنا الاجتماعية الثرية ببعديها العربي والإفريقي تتحدد في هذا المنعطف من تاريخنا المعاصر، في ترسيخ قيم ثقافة الحوار والتسامح والوسطية والاعتدال داخل جيلنا الصاعد وباقي مكونات شعبنا، لنستطيع بذلك مد جسور التواصل البنَّاء مع مقومات التقدم المؤسس على حماية الاستقلال والسيادة الوطنية مع الابتعاد عن كل ضروب الاغتراب، والانصياع لأهواء وملل لا تنبع من صميم خصوصياتنا العربية والإفريقية الثرية بمخزونها الثقافي الضارب في عمق التاريخ الإنساني. إن ما يمكن أن نتبناه اليوم في هذا الظرف من سلم واعد للتقدم، هو بجلاء استثمار ما يتوفر لنا اليوم من فضاءات حرة سانحة للانطلاق في معركة البناء، لكن وفق شروط حضارية ظلت هي المفتاح السحري لتحقيق التقدم والنماء، يتمثل في القيم الحديثة للحوار داخل أفق من الوسطية والاعتدال واحترام الرأي الآخر، وتفعيل هذه القيم وترسيخها لدى الأجيال الصاعدة، وذلك بطبيعة الحال عبر ما يتقدم من وسائل ذات نجاعة كبيرة في تثبيت ذلك، بدءا بالتربية الملتزمة بضرورة صياغة المجتمع ضمن هذه الروح واعتمادا على هذه المعاني السامية التي دعانا إليها ديننا الحنيف ومنطق العصر، ومرورا بجهود مكونات الفاعلين الاجتماعيين، وانتهاء بجهود رعاة الشأن العام. إن تركيز هذه الذهنية بمقوماتها الدينية والخلقية أصبح من الضرورات للتقدم خطوات بعيدة في ترقية سلوكنا الحضاري العام، كما أن النجاح في خلقها في وعينا الجماعي سينتج لا محالة استعدادا يتحدى العوائق ويحقق الانتصار على كل أشكال التخلف المَقيتة. ami نقلا عن موقع الوكالة الموريتانية للأنباء |
تاريخ الإضافة: 02/08/2011 10:42:00 |
توقع تساقط أمطار خفيفة على المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من البلاد
الاشتراك في:
الرسائل
(
Atom
)