بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
والصلاة والسلام علي النبي الحبيب
كتاب مراثي و شذرات
من فيض حياة هذاالرجل الكريم المغفور له علي ولد الكوري "عَلِّيهْ"
المتوفي يوم السبت : 20 / 04 / 2013م
المقدمة:
كان عَلِيًّا في خصاله واسمه ووسمه ، توفي المغفور له علي ولد الكوري الملقب "عَلِّيهْ" الساعة الحادية عشرة والنصف مساء يوم السبت الموافق 20/04/2013م ، عن عمر ناهز المائة وبضع سنوات لله الحمد ، وانطلق موكب التشييع المهيب إلى"اجْدَرْ لَخْظَرْ"الساعة الواحدة وأربعا وثلاثين دقيقة من صبيحة يوم الأحد الموافق 21/04/2013م بعد تأدية السنن والواجبات والبدء فى المندوبات والصلاة - حيث أقام الصلاة عَلَيْهِ الشيخ والإمام الابن البار ناصر الدين ولد الكوري أمام منزل المغفور له "عَلِّيهْ" في رحاب "الدَّارْ لِكْبِيرَهْ" علي رأس جمع غفير وكبير لم يكن أحد يتصوره أو يَتَخَيَلُه، الرجال والنساء أَتَوْا من أماكنبعيدةوقريبة - واستغرقت رحلة التشييع أو "التَّامْصِفَاطْ" خمساوأربعين دقيقة وكان من الملفت للانتباه أننا دخلنا "الصالحين " من جهة الجنوب شرق المدفن بدل الجهة الغربية ، حيث توقفت السيارة والتي تحمل جثمان المغفور له "عَلِّيهْ" بالضبط عند ضريح المغفور له الولي الصالح باب ولد أبنو وبالقرب أيضا من أضرحة وَالِدَيْ المغفور له "عَلِّيهْ": الكوري ولد محمذن ميلود و عيشة بنت ابراهيم فال وشقيقه مَكَوِى رضوان الله عليهم.
كانت السيارات الْأَرْبَعُرُبَاعِيَّةَ الدَّفْعِ وممتلئة بالرجال لله الحمد تضم جميع الأكابر والشيوخ والشباب وَعَدَدًا ليس بالقليل من أعيان المنطقة والقُرَى المجاورة لحاضرة المرام.
وبعد الدّفن وتلقين المغفور له "عَلِّيهْ" من طرف نجله وحَافِظَ سره سَمَاحَةَالشَّيْخْ محمد سالم "بَيْشَا" - أطال الله في عمر أبناء المغفور له "عَلِّيهْ"- توجه الموكب الساعة الثالثة وعشرين دقيقة صباح الأحد منطلقا ، عائدا ، نحو الديار ، نحو المرام حيث وصل الساعة الرابعة وتسعا وعشرين دقيقة صباح نفس اليوم.
ولسان الحال والضمائر تهلل وتَدْعُو وتقول إنا لله وإنا إليه راجعون ، لله ما أعطى ولله ما أخذ ، وعندما أشرقت شمس الأحد الموافق 21/04/2013م بدأت الختمات وانتهت عند الساعة العاشرة وعشرين دقيقة ، وسُجِّلَ وصول أول الوافدين للتعزية حيث كان بالضبط السيد الفاضل ابن الشرفاء لِمَامْولد أحمدو ولد عابدين اشْرِيفْ الساعة العاشرة وأربعين دقيقة ، ومن ثَمَّ توافدت جموع "الْمُعَزُّونَ فيهأَوَّلاً" هذه شَهَادَاتُهُمْ والْمُعَزِّينَ فيه لِذَوِيهِ : جماعات وفرادى وشخصيات اعتبارية كريمة علي رأسهم لا الحصر السادة الفضلاء أولياء الله أحمدُّو ولد أبنو وبنيوﯕ ولد محمودا وغيرهم كُثُرْ وكُثُرْلله الحمد، فاشتعلتْ نار الْقِرَى على دَأْبِهَا ولم تَخْمُدْ ، لأن هذا المكان مَكَانُهَا طوال سنين مضت وخلت فَهُمْ أي ذَوُو المغفور له "عَلِّيهْ" أبناء وأحفاد "مُكْرِمِي الضَّيْفْ" وعلي وجه السرعة ، فلم يطرق ضَيْفٌ لهم إلا وَلَقِيَ شرابا يثلج الصدر وبشكل عصري معلب في قنينات متعددة ومتنوعة الألوان والنكهات ، ولم يطرق ضَيْفٌ لهم إلا وَأَلْفَى ما لَذَّ وطاب من مشوي ومطهي كل الانعام من إبل وبقر وضأن ، فالنَّحْرُ والذّبائح علي رأس كل نصف ساعة طيلة الأيام الثلاثة وحتى قبلها و بعدها ، لأن الْحَدَثَ جَلَلٌ والأسرة "أسرة أهل الكوري الطَّيِّبَة الكريمة"مَعْرُوفَة ولها باع طويل في إكرام الضيف والضيوف وخاصةً "أسرة أهل عَلِّيهْ" لما لها تاريخيا من أصالة مع كَرَمِ الضّيافة ، فهي الأسرة الوحيدة فى هذه المنطقة التى كانتولا زالت –بَارَكَ اللهُ سَعْيَهَا وأَمَدَّهَا اللهُ من فَضْلِهِ الواسع - تَمْتَلِكُ زمام قِرَى الضّيف والضّيوف علي رأس كل ساعة من كل يوم وليلة تُشْرِقُ فيه شمس أوتأفل .
فالمغفور له "عَلِّيهْ" كان على الرغم من قساوة الظروف والطبيعة لم يَطْرُقْ فَرْدٌ أو جماعات بَابَ منزله لِغَرَضِ الْإِبْتِيَاعْ من "صَرْفِهِ" آنذاك فى "لِبْرَاݤْ" إِلاَّ وذَهَب الضَّيْفُ ومعه ضِعْفُ ما اشترىمرتين أوثلاث ، أو كان عابرا ما إِنْ يغادر إلاَّ وقد أُتْحِفَ بضيافة قَلَّ نَظِيرُهَا في تلك الأيام .المغفور له "عَلِّيهْ" كان يكرم ضيفه وضيوفه أَشَدَّ الإكرام ، فالفُرْنُ مُتَوَقِدٌ دائما لِسِقَايَةِ الشاي وبأفضل شاي والفراشُ مُتَّسِعٌ وَالأَطَاجِينُ منه ما هو مصبوب دائما وأبدا مَعَتَمْرٍ، ومنه ماهو مَطْهُوٌّومشويٌّ،والشراب بالماء واللبن منهمر،والْعَيْشُ الصّالح لَيْلًا فى الاقداح والصحون مغمورا باللبن الصافي الطبيعي وثمة الكثير والكثير .
كان المغفور له "عَلِّيهْ" لا يتواني ولا يَكِلُّ عن ضيافة أي أحد سواءا كان عابرا أو ضيفا أو باحثا عن ضالته أو مارا مرور الوقت أو آتيا للشراء أو البيع أو جالبا أو ضالا طريقه أوسائلا أو ..أو ... كان المغفور له "عَلِّيهْ"يُوَزِّعُ الْحَلْوَىدائما على الصّبيان والأطفال حتى وهو في كِبَرِهِ ، يحبُّونه ويُوقرُونَه وهو بِهِمْ رَحِيمْ.
كان يُكْرِمُ ويأوي الكل حتي آفلاَلَ أي الْفُولاَّنْ الذين كانوا غير مستحبين عند البعض لعدم الشعور بالأمان منهم سواء بالسرقة أو "السَّلْ" ، المغفور له "عَلِّيهْ" كان له اليد الطولى فى الأدب والعلم ومعرفة الأحكام الشرعية ، كان دمث الأخلاق ، قويا ، لبيبا ، أَرْيَحِيًا ، صبورا ، حنونا ، طيِّبَ السريرة ،عنده حسن الظن والنية بالآخرين ، كان يفوق الجميع فىالزعامة والبطولة والفتوة والدعابة وسرد الأخبار والسِّيَرْ سِيَرِ الأولين سِيَرِ الأنبياء والصالحين ، كان كما كَانَ لِلَّهِوكان اللهُ لَهُ مُوَّفَقًا في ذلك. الْكُلُّ يعترف وبشهادات متفرقة وعديدة ومن أفراد وجماعات كثيرة كانت تَتَّعِظُ مما حَقَّقَهُ هذا الْأَسَدُ من ذلك الأسد "أَسَدُ الْمَحْتَدِ"، حيث كان يسعف الجميع وكان لَيِّنَ الجناب ، لَهُ "كَلْمَه" أي لَهُالقرار الْفَيْصَلْ، الصائب والحازم فى كل نوائب الدهر سواء تعرض لها الفرد أو الجماعة أو المجموعة ككل أو المكان أو أَرْ ضْ الأجداد.
"عَلِّيهْ" رحمة الله علينا وعليه وتغمده الله برحمته الواسعة : لَهُ غيرة على الدين الحنيف ،لَهُ حكمة ، لَهُ حنكة ، لَهُ شجاعة ، لَهُ رباطة جأش ، لَهُ هيبة ،لَهُ حصافة رأيٍ ، لَهُ قرب من كل نفس وروح ، كان عطاءا ، يجود حتى بنفسه ، يقف مع كل مستضعف انسانا كان أو حتى حيوانا مترددا على العين أو البئر ، كان سقاءا لضالة الأنعام .
كان خبيرا فى المسالك الوعرة وخاصة الطريق إلى مدفن الشرفاء "إجْدَرْ لَخْظَرْ" ، كان الوحيد الّذى يَدُلُّ على هذا المدفن والوحيد الّذى يُكْرِمُ ضُيُوفَهْ ، كان الوحيد الَّذِى له الأرض أَرْضْ الْخَطْلأن الأسرة "أسرة آل الكوري"هي الوحيدة التى كانت لها السيادة علي هذه الأرض وتمتلكها وتمتلك السقاية فيها فالعيون والآبار هُمْ مَنْ شَيَدُوهَا سنيناوسنينا خلت ومضت ، وهم مَنْ كانوا يسكنونها ويزرعونها ويجولون فيها شرقا وغربا شمالا وجنوبا ، حيث كانت هذه ديارهم ومَرَابِعُهُم فى الصيف وهذه دِيَارُالخريف وهذه ديار الشتاء وهذه ديار "تِفِسْكِ" .
المغفور له "عَلِّيهْ" كان سمحا يداه مبسوطتان ، تجودان بالخير ، كان شَهْمًا،رائدا فى الْحِلْمِ إذا اشتكى أحد أو أصابه شيء أو استعصى عليه أمر فى الحياة دُنْيًا أو شَرْعًا كان الملجأ والملاذ لكل مستغيث وحتى من بطش الفُلاَّنْ أو سرقتهم ، كان الكُلُّ لِلْكُلِّ.
عندما كبر الأولاد _حفظهم الله ورعاهم_ درّسهُمْ القرآن وكان يَحُثُّهم ويُرَبِّيهم ويُعَلِّمُهُمُ المناقب ومعالي الأمور ، كان مثالا للأب العالم ، الناصح ، الجواد ، المتواضع رغم الأنفة التى يَتَمَتَعُ بها لِشَهَامَةِ أسرته وعُلُوِّهَا فى النسب الرفيع فهو الْمُنْتَسِبُ للرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام من جِهَتَيْ أبيه وأمه ، رغم كل هذه الخصال والمزايا والصفات كان سخيا واسع الصدر ، عندما أشار له أحد أبنائه بالدخول فى أول بنيان على شكل غرف قال له : أنا لا أدخل الغرفة إلا إذا كانت عشرة فى عشرة لأن المغفور له "عَلِّيهْ"وُلِدَ وترعرع وشَبَّ فىبيت عِزٍّ وشَرَفٍ، وفىسعة ووفرة للخير ، وهو يَكْرَهُ التضييق حتى ولو كان بين جدران أربعة . خاض عمره فى صفاء ونقاء دون أي عوز جسمي أو عوز عقلي أي "الدݣديݣ الراص"،فَتَبَارَكَ الله "عَلِّيهْ"المنارة الشامخة والشمس الساطعة والْبَدْرَ الْمُكْتَمَلْ، سَتَبْقَى ذكراهُخالدةً عُمْقَ كلِّ لُبٍ مادام الزَّمَنْ ، رحم الله الفقيد "عَلِّيهْ"وأسكنه جِنَانَ خُلْدِهِ ونفعنا الله ببركته وبركات أعمال بِرِّهِ ، وليرحم السلف وليبارك في الخلف ،وصل وسلم على سيدنا ومولانا هادي الأمة سواء السبيل .
ضع تعليقك
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق